رمضان السنادى هيغير حياتى

حديثي إليك أخي فى الله حديث أخ لأخيه، يريد له الخير، ويرجوا له الفوز.
فأرعني سمعك، وافتح لكلماتي قلبك، ولا تنظر إلى عيب الناصح، بل انظر فيما يدعوك إليه، فإن كان خيراً قبلتَه، وإن كان غير ذلك فلستُ عليك بوكيل.

أخي فى الله.. ماذا أعددت لنفسك في شهر رمضان؟ ذلك الشهر الذي تُفَتَّح فيه أبواب الجنة، وتُغَلَّقُ أبواب النار، وتُسَلْسًلُ الشياطين، وفيه يعتِقُ الله عباده الصالحين من النار.
هل عزمت فيه على التوبة؟ وهل قررت العودة ؟ وهل نويت التخلص من جميع المعاصي والمنكرات، وفتح صفحة جديدة مع ربِّ الأرض والسموات؟ وهل خططت لبرنامجك التعبدي اليومي في هذا الشهر؟ وبماذا ستستقبل أيامه ولياليه؟

أسئلة لا بد من الإجابة عليها بمصارحة النفس في ذلك حتى لا يدخل الشهر ويخرج بلا عبادة ولا طاعة، وتضيع أيامه وساعاته هباءً منثوراً.

ابدأ بالتوبة

فالتوبة هي بداية الطريق ونهايته، فليست التوبة من منازل العصاة فحسب فقد قال النبي وهو سيد الطائعين : « يا أيها الناس ! توبوا إلى الله، فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة » [رواه مسلم].
ومن منا لا يُذنب؟ ومن منا لا يعصي؟
والله سبحانه غفَّار الذنوب، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويفرح بتوبة التائبين وندم العصاة والمذنبين .

أهمية الوقت

أخي الشاب.. إذا ندمت على ما فات، وتركت المخالفات والذنوب في المستقبل، توجَّب عليك بعد ذلك الاهتمام بعمرك، وإصلاح وقتك الحاضر الذي بين ما مضى وما يُستقبل، فإنك إن أضعته أضَعْتَ سعادتك ونجاتك، وإن حفظته بما ذكرت نجوت وفُزْتَ بالراحة والنعيم
.
رمضان فرصة للشباب

لماذا لا تتاجر مع الله؟ فتسابق إلى الطاعات والأعمال الصالحات، لتفوز بالربح الوفير والثواب الجزيل ورمضان أخي الشاب - من أعظم الفرص التي يجب أن يشمر لها المشمرون، فهو شهر مغفرة الذنوب، والفوز بالجنة، والعتق من النيران .

وإليك - أخي الشاب - بعض الأمور التي تُعينك على اغتنام أوقات هذا الشهر وإعمارها بالأعمال الصالحات:

1- الصيام عبادة وليس عادة:
قال النبي : « من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه » [متفق عليه]، ومعنى قوله: { إيماناً } أي: إيماناً بالله وبما أعده من الثواب للصائمين.فلا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواء كما روي ذلك عن جابر وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه » [أخرجه البخاري].

2 - رمضان نعمة يجب شكرها:
تأمل أخي في الذين أدركهم الموتُ قبل دخول شهر رمضان، فقد انقطعت أعمالهم وطُويت صحائفهم، فلا يستطيعون اكتساب حسنة واحدة،
أما أنت فقد مد الله في عمرك حتى أدركت هذا الشهر العظيم، وهيَّأك لاكتساب هذا الثواب وتلك الأجور.

3 - النوم والسهر:
أخي الحبيب، إذا قضيت نهار رمضان في النوم، وليله في السهر ، حُرمت أجر الصيام والقيام، وخرجت من الشهر صفر اليدين، فهي والله أيام معدودة، فاجتهد فيها تفز بالنعيم غداً. وإياك أن يدركك الشهر وأنت في غفلة، فقد قال النبي : « رغم أنف رجل دخل عليه رمضان، ثم انسلخ قبل أن يغفر له » [رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني].

4 - تلاوة القرآن:
رمضان شهر القرآن، وقد كان السلف إذا دخل رمضان يقدمونه على كل عبادة، حتى رُوي عن بعضهم أنه كان يختم القرآن كل ليلة، فاجتهد في تلاوة القرآن واقرأ بترتيل وتدبر وخشوع،
وكان عثمان بن عفان يختم القرآن كل يوم مرة، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرؤها في غير الصلاة، وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة،

5 - قيام الليل:
قيام الليل سنة مؤكدة في غير رمضان، وهو أشد تأكيداً في رمضان، فقد قال النبي : « من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة » [رواه أهل السنن وقال الترمذي:حديث صحيح].
وفي حديث السائب بن زيد قال: ( كان القارئ يقرأ بالمئين - يعني بمئات الآيات - حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام قال: وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر

6 - الصدقة:
« كان رسول صلى الله عليه وسلم الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كان أجود بالخير من الريح المرسلة » [متفق عليه]، وقال صلى الله عليه وسلم : « أفضل الصدقة في رمضان » [أخرجه الترمذي].

7 - تفطير الصائمين:
احرص على تفطير الصائمين، وإطعام الفقراء والمساكين، فقد قال : « من فطَّر صائماً كان له مثل أجره » [رواه أحمد ].

8 - لزوم المساجد:
خير بقاع الأرض المساجد، فاحرص على صلاة الجماعة في المساجد، وقال تعالى في الحديث القدسي: « ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه » [رواه البخاري].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا صلى الغداة (الفجر) جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس » [أخرجه مسلم].

9 - العمرة في رمضان:
للعمرة في رمضان فضل كبير، فقد فقال النبي : « عمرة في رمضان تعدل حجة - أو قال حجة معي » [رواه البخاري].

10 - العشر الأواخر:
احرص اخى فى الله على أن يكون اجتهادك في العشر الأواخر أكثر من اجتهادك فيما قبلها، فقد « كان النبي إذا دخل العشر أيقظ أهله، وأحيا ليله، وجدَّ وشدَّ المئزر » [متفق عليه].

11 - ليلة القدر:
تحرَّ ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وبخاصة في ليالي الوتر منها، فأحي الليالي بالعبادة من صلاة وقيام وقراءة قرأن وذكر ودعاء وغير ذلك من الطاعات، فإن ثواب العبادة في هذه الليلة أفضل من ثواب العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
وعن عائشة قالت: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال صلى الله عليه وسلم : « قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني » [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].

12 - غضُّ البصر:
غضُّ البصر عبادة قلّ العمل بها، فلم لا تحيي هذه الفريضة العظيمة.

13 - الذكر:
كن ذاكراً لله على كل حال، فقد فاز الذاكرون بخيري الدنيا والآخرة.

14 - الدعاء:
الدعاء هو دليلٌ على افتقار العبد إلى ربِّه وضرورته إليه في كل حال، فأين أنت - أخي من عبادة الدعاء؟
فأيام وليالي رمضان أزمنة فاضلة فاغتمنها بالإكثار من الذكر والدعاء وخاصة في أوقات الإجابة ومنها:

أ - عند الإفطار، فللصائم عند فطره دعوة لا ترد.
ب - عند ثلث الليل الأخير، حيث ينزل ربنا تبارك وتعالى يقول: « هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له »
ج - الاستغفار بالأسحار، قال تعالى: { وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات:18].
د - تحري ساعة الإجابة يوم الجمعة وأحراها آخر ساعة من نهار يوم الجمعة

15 - الاعتكاف:
وهو لزوم المسجد والانفراد لطاعة الله، فلا تضيَّع أيام اعتكافك وساعاته في اللغو والكلام في سفاسف الأمور، فيكون الذي لم يعتكف أفضل منك !!
« كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً » [أخرجه البخاري].

16 - الطعام والشراب:
إياك وكثرة الطعام أو الشراب فإنها تؤدي إلى التراخي والفتور والتكاسل عن العبادة.

17 - منكرات يجب اجتنابها:
-إقلاعك عن التدخين في نهار رمضان دليل على قوة عزيمتك، فلم لا تمتنع عنه بالكلية في الليل والنهار؟!
- إياك وسماع الغناء، فإنه يفسد القلب، وينبت فيه الرعونة وقلة الغيرة.
- اجعل من شهر رمضان فرصة للتخلص من أسرِ مشاهدة المسلسلات والأفلام والبرامج التافهة.
ولنقارن بين حالنا وحال السلف فالسلف رحمهم الله كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر حتى يبلغهم رمضان، فإذا بُلِّغُوه اجتهدوا في العبادة فيه، ودعوا الله سبحانه ستة أشهر أخرى أن يتقبله منهم.
أما أصحاب الفضائيات والإذاعات في زماننا؛! ولسان حالهم يقول: شهر رمضان الذي أنزلت فيه الفوازير والمسلسلات!!
آهٍ من لوعة ضيف عزيز كريم بين قوم من الساهين الغافلين! وَّاه لو كانوا لحق قدره يقدرون، أو يعرفون!

- الخلوة والاختلاط بالنساء الأجنبيات من أكبر أسباب الشرور والفساد والعقوبات العامة؛ فاحذر من ذلك.
- إياك ومنكرات اللسان، فإنها تُضعف ثواب الصيام جداً، قال : « من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه » [رواه البخاري].
-ضياع الوقت في التفنن في المأكولات والمرأة مشكورة مأجورة لقيامها على الصائمين ولكن يمكنها اختصار الوقت في مطبخها.
-قراءة المجلات والروايات والجرائد وما شابهها وكان السلف يتركون طلب الحديث والعلم في رمضان للتفرغ للقرآن.

فأصدق مع نفسك مادام في العمر فسحة قبل أن تندم حين لا ينفع الندم؟
فما أسرع الأيام تمر كلمح البصر وفي هذه الأيام نستقبل أيام رمضان الغالية بعد أن طويت منذ عام كامل بما أودعناها من أعمال ستشهد علينا غداُ أمام الله تعالى .

بحلولك تستأنس النفوس وبنزولك تطمئن القلوب أرهقت كاهلنا الذنوب فخففها ، إليك يا رمضان أبوح بخلجات الصدر ، ، فلقد سئمت حياة المعاصي والتقصير وأسرفت على نفسي ،والآن ذقت طعم السعادة بعد أن عدت إلى الله عودة صادقة بإذن الله ، فلعلك يا رمضان تكون خير معين لي على طاعة ربي إني شاكر لنعم ربي التي طالما عصيته بها فيما مضى خلفت الدنيا

يا رب إن عظمت ذنوبــي كثرةفلقد علمت بأن عفوك أعظــــم
إن كان لا يرجـوك إلا محســنفمن الذي يدعو ويرجو المجــرم
أدعوك رب كما أمرت تضرعاً فإذا رددت يدي فمن ذا يرحــم
مــالي إليك وســيلة إلا الدعـــــاوجميل عفوك ثم أني مسلــــــم

يا رمضان سأنتقل فيك من طاعة إلى طاعة ، يعصرني الألم على ما مضى من التفريط ، ويحدوني الأمل في مواصلة الصالحات ، وتجديد العهد
ورجاء القبول من الله ، وأتمنى أن تطول أيامك يا رمضان ، فلقد أبهجت قلبي ، وأنقذت حياتي بروحانيتك وأجوائك وحلاوة أوقاتك
إلهي بالإساءة أقررت ، والتقصير اعترفت ، ولبابك قرعت ، ولرحمتك خضعت ، ومن فضلك سألت ، فارحم ذل مقامي وضعف قوتي ، وقلة حيلتي وسلطاني واجبر كسر قلبي ، واختم بالصالحات عملي ، وأقر برؤيتك في الآخرة عيني

جزاك الله كل خير على الموضوع

ورمضان كريم